تعيش شركة المحروقات العملاقة ”سوناطراك” مشاكل داخلية عميقة بسبب وجود جهات مقاومة للتغييرات التي فرضها عبد المومن ولد قدور منذ وصوله إلى رأس الشركة، والذي ترأس في وقت سابق شركة BRC، الشركة الشهيرة التي تم إحداثها قبل سنوات عديدة بالاشتراك بين سوناطراك وهاليبرتون.
في مارس 2017، سبب تعيين عبد المومن ولد قدور في منصب رئاسة سوناطراك جدلا كبيرا خاصة في أوساط دائرة الاستعلام والأمن، جهاز الشرطة السياسية الذي اخترق عالم المحروقات، منذ سنوات عدة.
دائرة الاستعلام والأمن أثارت ضد ولد قدور قضية “تجسس” للحكم عليه بالسجن أمام محكمة عسكرية في نونبر 2007، ليجد نفسه أمام أسوأ أيام حياته من خلال قضاء 30 شهرا في السجن.
عند التحقيق معه، كرر المحققون نفس السؤال على مسامع ولد قدور ”أطلعنا على كل المعلومات المتعلقة بصديقك شكيب خليل، وسنطلق سراحك”، وهو ما رفض مسؤول سوناطراك الإجابة عليه، لتطلق المحكمة العسكرية سراحه لاحقا بعد التأكد من عدم تورطه في أنشطة أو أعمال لها علاقة بـ”التجسس”.
ولد قدور اختار الرد على هذه الاتهامات والممارسات بتفعيله لدينامية واستراتيجية جديدة منذ وصوله إلى رئاسة سوناطراك في إطار رؤية 2030، كما قام بإعادة هيكلة فروع العملاق النفطي، متشبثا بإجراء مراجعة شاملة للإدارة التجارية للشركة التي تتفاوض على عقود بيع النفط والغاز، مهددا بذلك مصالح رجال دائرة الاستعلام والأمن.
إصلاحات ولد قدور ستعيد إلى الواجهة الصراع مع دائرة الاستعلام والأمن، وبالتحديد الكوادر المؤثرة التي تمتلك كل الصلاحيات، والتي سمحت لنفسها بالقيام بالعديد من الأعمال المثيرة للشكوك دون محاسبة. وقد تجاوز ولد قدور حسبهم الخط الأحمر بسبب اتهامه قبل بضعة أسابيع للمستشارين والخبراء في مجموعة بوسطن الاستشارية (BCG)، وهي شركة تدقيق حسابات أمريكية كبيرة، بالعمل على إعادة هيكلة الإدارة في سوناطراك.
دائرة الاستعلام والأمن انتقلت إلى الهجوم وأطلقت حملة ضد ولد قدور، حيث نشر أول مقال ضده في Liberté، الجريدة اليومية لمالكها الملياردير ربراب، الصديق الحميم للجنرالات السابقين في سنوات التسعينات، تلته مقالات أخرى في وسائل إعلامية أخرى، لمهاجمة وتحجيم إصلاحات ولد قدور.
ياسين مرزوقي، المستشار السابق لأمين المازوزي، المدير السابق لسونطراك، يمثل أحد المخططين الذين اعتمدت عليهم دائرة الاستعلام والأمن، أطلق بدوره منبرا إعلاميا لتدمير كل مجهودات عبد المومن ولد قدور، وتشويه سمعته أمام الرأي العام، وسمي بـBourse Dz.
هذا المنبر يقدم رسميا على أنه متخصص في أخبار الاقتصاد الجزائري، غير أنه في الواقع يركز على سوناطراك وولد قدور، وينشر مقالات مغرقة في التفاصيل التقنية، لمنحه طابعا من المصداقية، علما أنه يتم التلاعب بالأرقام وتأويلها بشكل يجعل ولد قدور يبدو كتهديد لاستقرار الجزائر.
الحرب بين ولد قدور وعناصر دائرة الاستعلام والأمن السابقين تتقد أكثر، ويبدو أن رجال الدائرة لا يعتزمون التوقف قريبا خاصة بعد فقدانهم لامتيازاتهم، ولو الاستمرار في ”الإزعاج” فقط.