في أقل من ثلاث سنوات، أصبح الدبلوماسي الجزائري سعيد موسي، رغمًا عنه، فاعلا رئيسيًا في الاعتراف الدولي بمخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب في الصحراء. لدرجة أن بعض المراقبين يعلقون بسخرية: “إنه يخدم القضية بفعالية أكبر مقارنة بالسفراء المغاربة أنفسهم.”
بدأ كل شيء في مدريد مطلع عام 2022، فغداة تعيينه سفيرًا لبلاده لدى إسبانيا، شهد موسي تحولًا استراتيجيًا كبيرًا في مدريد، حين أيد بيدرو سانشيز رئيس الوزراء الإسباني المخطط المغربي، واصفا إياه بأنه “أكثر جدية وواقعية ومصداقية”. اتهم نظام الجزائر سانشيز بالخيانة، واستدعى موسي على الفور.
بدلاً من معاقبته، أرسلته الجزائر سفيرا لدى باريس. لكن في يوليوز 2024، وجد نفسه في دوامة عاصفة انطلقت من قصر الإليزي، إذ أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون صراحةً دعمه للسيادة المغربية على الصحراء. لم يكن أمام السفير موسي خيار آخر سوى حزم أمتعته، بعدما سحبه قصر المرادية على الفور.
غير أن مقامه في بلاده لم يدم طويلا في بلاده، إذ عين في نهاية عام 2024 مرة أخرى سفيرا في البرتغال، وقد كان من قدره أن يكون شاهدا على انضمام لشبونة، في 22 يوليوز الجاري، إلى قائمة الدول الغربية التي تدعم بشكل كامل “مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الأساس البناء والأكثر جدية ومصداقية من أجل تسوية هذا النزاع”.
لحد الآن، لم تصدر وزارة الخارجية الجزائرية أي بيان رسمي ولم تستدع السفير بعد، لكن الناس هناك يتساءلون: “إلى متى يستمر هذا المسلسل الأسود؟”.
في الأوساط الدبلوماسية، تُغذّي هذه السلسلة من الأحداث روايةً ساخرة: متلازمة موسي. يبدو أن الدبلوماسي الجزائري المحترم والكتوم يمتلك سلطةً غريبةً رغماً عنه تتجلى في قدرته على التعجيل بالتحولات المؤيدة للمغرب. حتى أن البعض في الرباط يُسلي نفسه باقتراحه، بمزيجٍ من الجدية والسخرية، إرساله إلى بكين أو موسكو أو حتى بريتوريا قريباً.
لكن هذه الكوميديا تُخفي واقعًا أكثر مرارةً بالنسبة للجزائر. فالمُجريات بدأت تتغيّر. نظام العسكر، العالق في مواقعه المُتحجّرة، يخسر مكانة بلاده على الساحة الدولية أمام المغرب المبادر والمُهاجم، مدعوما من طرف شركائه الاستراتيجيين.