يواصل وزير الشؤون الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، رحلاته المكوكية في القارة الإفريقية، ومعها يواصل مراكمة فشله في تأليب عواصم القارة السمراء ضد المغرب، وأيضا في تقديم بلاده كوسيط لحل النزاعات. في بداية الأسبوع الجاري، زار العاصمة الموريتانية، بعد أيام من إعلان بلاده قطع علاقاتها مع المغرب، وغداة إعلان نواكشوط استعدادها للقيام بوساطة بين الرباط والجزائر. وفيما عبر المسؤولون المغاربة عن تقديرهم للمبادرة الموريتانية، التزم نظراؤهم في الجارة الشرقية الصمت، بل بنوع من اللامبالاة. ليس خافيا أن زيارة لعمامرة تندرج في إطار تقديم “المبررات العبثية” التي دفعت نظام العسكر إلى إسدال الستار عن علاقات كانت متوترة أصلا، بسبب استمرار “الإخوة” في الشرق في الإساءة إلى المملكة ورموزها. قد يكون لعمامرة ردد أمام المسؤولين الموريتانيين، حين ذكروه باستعدادهم للتوسط مع المغرب، تلك الإسطوانة المشروخة، التي تتضمن تبريرات بليدة تزعم أن الرباط مسؤولة عن حرائق الغابات الأخيرة في بلاده، وأنها تشجع الحركة من أجل تقرير المصير في منطقة القبايل، وأنها هي من كانت وراء القتل الهمجي للشاب جمال بن إسماعيل، وأنها أعادت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل لضرب الجزائر و”صهينة” منطقة المغرب العربي… لكن من الواضح أن هذه “الترهات السريالية” لم تقنع أحدا في سرايا نواكشوط، والدليل أن السلطات هناك لم تصدر أي بيان، بمعنى اعتبرت الزيارة “لا حدث”، فيما اكتفت وسائل الإعلام الموريتانية، فقط، بنشر تصريحات لعمامرة، كما جاءت في بيان وزارة الخارجية. وقد كانت غارقة في الإنشاءات الأدبية المجرورة كالإشادة بـ”المستوى المتميز والزخم الكبير الذي تشهده العلاقات الثنائية بين البلدين”، و”أهمية انعقاد اللجنة المشتركة العليا في أقرب الآجال”، والاتفاق على إضفاء ديناميكية جديدة على آليات العمل المشترك وتعزيز دورها في ترجمة التوجيهات السامية لقيادتي البلدين”، و”العزم على مواصلة التنسيق والتشاور تحضيرا للاستحقاقات المقبلة على مستوى الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية”… هذه محاور كبرى، لكن السؤال هو كيف للطغمة العسكرية الحاكمة في الجزائر، التي تنخرها الصراعات، أن تجسدها على أرض الواقع؟