حصري. كواليس الضغوط القوية التي يمارسها الجنرالات على الرئيس تبون لطرد الملحق العسكري الإماراتي من العاصمة الذي هدد محاوريه الجزائريين بالسحب الكامل لصناديق الاستثمار من بلادهم

تواصل السلطات الجزائرية إظهار عدائها العلني تجاه دولة الإمارات العربية المتحدة. إذ يمارس الجناح الأكثر تشددا في النظام الجزائري، أي المؤسسة العسكرية وتوابعها القوية داخل الأجهزة الأمنية ومختلف إدارات الدولة، ضغوطا قوية على الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لإجباره على اعتماد إجراءات عقابية جذرية ضد الإمارات.

منذ أواخر شهر غشت الماضي، وجد رجل نفسه بشكل خاص في مرمى هذه اللوبيات التي تحرض الرئاسة الجزائرية على إعادة النظر في علاقاتها مع أبو ظبي. يتعلق الأمر بالملحق العسكري لسفارة الإمارات العربية المتحدة في الجزائر العاصمة.
وقد أثار هذا الأخير، بالفعل، غضب وزارة الدفاع الوطني والقيادة العسكرية العليا للجيش الجزائري على خلفية مجاهرته بدعم أبو ظبي للمغرب، الخصم اللدود للقادة الجزائريين.

وفي مناسبات عديدة، نظمت لقاءات بين قيادات وزارة الدفاع بالجزائر العاصمة مع الملحق العسكري الإماراتي للتعبير له عن غضب السلطات العسكرية الجزائرية من رفض أبو ظبي الكشف عن معلومات شفافة ومفصلة بشأن المعدات العسكرية التي تم نقلها أو تسليمها للمغرب.

في هذا السياق، أبلغت مصادر جزائرية “مغرب-أنتلجونس” أن الإماراتيين أساءوا إلى القادة العسكريين الجزائريين من خلال المراجعة الكاملة لالتزاماتهم المالية والتكنولوجية في المشاريع التي تم إطلاقها على مدى السنوات العشر الماضية بالشراكة مع الجيش الجزائري.

وقد دفع انسحاب الإمارات من هذه المشاريع إلى تردد الشركاء التكنولوجيين الغربيين للمستثمرين الإماراتيين منذ عام 2021 في التعاون بفعالية مع السلطات العسكرية الجزائرية. الأمر الذي يهدد بشكل خاص استدامة ما لا يقل عن 3 مشاريع صناعية ممولة جزئيا من قبل الاستثمارات الإماراتية في الجزائر.

يتعلق الأمر، هنا، بشركة Mercedes-Benz/SPA المتخصصة في صناعة الشاحنات ذات الوزن الثقيل بالرويبة التي توجد في الضاحية الشرقية من الجزائر العاصمة، وشركة Mercedes-Benz/SPA المتخصصة في صناعة المركبات التي توجد بتيارت الواقعة في شمال الجزائر وشركة (Mercedes -Benz وDeutz وMTU/SPA) بوادي حميمين في قسنطينة. وبفضل الدعم المالي من الإماراتيين، خرجت أول سيارتين من طراز “مرسيدس بنز” في الجزائر من مصنع تيارت في 26 أكتوبر 2014.

وفي نفس اليوم، تم تدشين مصنع الشركة الجزائرية لصناعة سيارات “مرسيدس بنز” (SAFAV-MB) بعين بوشقيف بولاية تيارت، من قبل الجنرال أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش السابق. يذكر أن SAFAV-MB هي شركة مختلطة تم تأسيسها في يوليوز 2012 وتتوزع أسهمها بين شركة تطوير صناعة السيارات (EDIV) التابعة لوزارة الدفاع (34%)، وSNVI (%17)، وصندوق الاستثمار الإماراتي “آبار” 49%. فيما تعتبر المجموعة الألمانية دايملر هي الشريك التكنولوجي.

منذ عام 2021 ومع انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب، فضلا عن تنفيذ نظام تبون لاستراتيجية دبلوماسية تضر تماما بالمصالح الإماراتية في الجزائر وفي المنطقة، بما في ذلك تعميق التقارب مع قطر الخصم الرئيسي لأبو ظبي، شهدت هذه المشاريع الرئيسية تباطؤًا كبيرًا في أنشطتها وأصبح مستقبلها غير مضمون.

وتشير مصادر “مغرب-أنتلحونس” إلى أن الملحق العسكري بسفارة الإمارات العربية المتحدة أجرى نقاشات ساخنة مع محاوريه الجزائريين ولم يتوقف عن تهديدهم بالسحب الكامل، بكل بساطة، لصناديق أبو ظبي من المشاريع العسكرية. ولهذا السبب، تعرض هذا المسؤول الإماراتي الكبير في الأيام الأخيرة لحملة تشهير حادة تدعو إلى رحيله من الجزائر العاصمة.

وكانت جريدة “الخبر” الجزائرية كتبت يوم الاثنين الماضي أن “حكام أبوظبي ماضون في استعداء الجزائر والإضرار بأمنها ومصالحها الاستراتيجية، والدفع بالعلاقات الثنائية نحو القطيعة، فلم يعد التطاول والإضرار بالمصالح الوطنية داخليا وخارجيا خفيا أو حديث جرائد، بل اتخذ طابعا علنيا”، مشيرة إلى أن الملحق الإماراتي، الذي يحمل رتبة عقيد، صرح لأحد الدبلوماسيين الأوربيين أنه في حال نشوب حرب بين الجزائر والمغرب، فإن بلاده ستقف بكل إمكاناتها مع الرباط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *